الأحد، 21 أبريل 2013

لورانس العرب


طوماس إدوارد لورنس، ظابط مخابرات بريطاني
 لعب دورا قويا في سقوط الخلافة العثمانية, سمي بلورانس العرب نتيجة انخراطه مع العرب فترة طويلة و مساعدته للقوات العربية أثناء الثورة التي أسقطت الحكم العثماني عام 1916م.

قال عنه ونستون تشرشل (رئيس الوزراء البريطاني الأسبق) : " لن يظهر له مثيل مهما كانت الحاجه ماسه له "

كان لورانس محبا للتاريخ مولعا بدراسة الآثار ، وكان شغوفا بشخصية نابليون بونابرت (الذي كان قصير القامة مثل لورنس) واهتم لذلك لورنس بدراسة استراتيجيات الحرب و الخطط العسكرية لا سيما الخاصة بنابليون.

تعلم لورانس اللغة العربية ، و أتقن تحدثها بطلاقة ،و سافر للعديد من البلدان العربية ، حيث قام برحلات استكشافية لدراسة التاريخ و زيارة الآثار في تلك البلدان.

بعد ذلك قامت الحرب العالمية الأولى ، وأعلنت الدولة العثمانية الحرب على انجلترا ..

قام السير " جليبرت كلايتون " باستدعاء لورنس بعد أن ذاع صيته كعالم آثار إلى مكتبه بمقر القيادة العليا للجيوش البريطانية في القاهرة.

أمر كلايتون بتعيين لورنس في قسم الخرائط. وكانت هذه هي الفرصة الوحيدة للتثبت من صحة الخرائط بالواقع. ظهرت عبقرية لورنس في هذا المجال كما امتدت آراؤه للخطط العسكرية في هذا الشأن.

قام كلايتون بنقله إلى قسم المخابرات السرية.

كان لورنس يحفظ المواقع التركية عن ظهر قلب مما ساعد الأنجليز كثيرا. استغل لورنس علاقاته بالعرب لإيهامهم أنه يريد مساعدته لمواجهة الغطرسة التركية وقد ساعدته معرفته باللغة العربية لإضافة مصداقية له في هذا الشأن.

انتقل لورنس إلى الجزيرة العربية ليقف على حقيقة الثورة العربية المشتعلة ضد الأتراك بقيادة الشريف حسين.

قام لورنس بتفقد قوات الشريف المتمركزة في منطقة الخيف وقد اختبر كفاءة هذه القوات حتى يستطيع أخبار القيادة العامة في القاهرة.

ادرك أن الثورة التي يقودها الشريف حسين ثورة عربية قومية وليست إسلامية مما أطرب مشاعر لورنس.

تمنى لورنس لو أن مصر تلحق بركب الثورة القومية بوصفها أكبر البلدان العربية والإسلامية وأن ايمانها بالقومية العربية على حساب الإسلام سيدفع بالثورة إلى الأمام.

كان لورنس حلقة وصل بين القوات الانجليزية والقوات العربية بقيادة فيصل الشريف حسين ، وقد ساهم في سقوط المناطق العربية الخاضعة للسيطرة التركية واحدة تلو الأخرى حتى انتهت الثورة بسقوط دمشق ..

عاد لورنس إلى إنجلترا. وفي عام 1920 بدأ في كتابة كتابه الشهير "أعمدة الحكمة السبعة".

التحق لورنس بعد ذلك تحت اسم مستعار بسلاح الجو الملكي.

عانى كثيرا من الضغط العصبي جراء الحياه الصعبه التي عاشها وخصوصا بعد أن أصبح مطلوبا من العرب المعارضين لثورة الشريف حسين وانكشاف أنه عميل للمخابرات البريطانية.

قضي لورنس بقية حياته في كوخ في شمال "بوفينجتون".

في عام 1935 توفي عن ستة واربعين عاما بعد سقوطه من دراجته النارية التي كان يقودها بسرعة كبيرة في محيط مدينة اكسفورد وهو عائد إلى البيت من مكتب البريد بحادث قيل أنه كان مفتعلا.

دفن في مقبرة "موريتون" بعد تشييعه في جنازه مهيبه حضرها شخصيات سياسية وعسكرية مهمة مثل ونستون شرشل، لورد لويد، ليدي آستور، الجنرال وفل، اغسطس جون وغيرهم، إضافة إلى حلقة من اصدقائه الذين يدعونه باسم تي.اي.شو.

كانت العقبة الأساسية التي تواجه بريطانيا و حلفاءها هي " الإسلام " لذلك سعوا للقضاء عليه عن طريق هدم الخِلافة الإسلامية، و الدليل تقرير سريّ كتبه لورنس عام 1916 بعنوان " سياسة مكة " أوضح فيه رأيه في ثورة العرب: " إنّ نشاط الحسين مفيد لنا إذ أنّه ينسجم مع أهدافنا الكبيرة، وهي تفكيك الرابطة الإسلامية وهزيمة الإمبراطورية العثمانية وانحلالها، لأنّ الدول التي ستنشأ لتخلف الأتراك لن تشكل أي خطر على مصالحنا. .. فإذا تمكنا من التحكم بهم بصورة صحيحة فإنهم سيبقون منقسمين سياسياً إلى دويلات تحسد بعضها البعض ولا يمكن أن تتحد
لذلك كان هم لورنس في ذلك الوقت التأثير على زعماء العرب وكسب ود العشائر والقبائل لدفعهم للقيام بالثورة ولو من خلال لبس لباسهم وسلك سلوكهم كي يتمكّن من أن يتحكم بهم تحكم الاستعماريين بالشعوب. يقول في كتيب " البنود 27 " الذي أعدّه لتعليم الضباط على طرق التحكم بالعرب: " إذا أمكنك لبس لِباس العرب عندما تكون بين رجال القبائل فإنّك تكسب بذلك ثقتهم
و للورنس تصريحات عديدة حول فلسطين، ففي إحدى المرات طُلب إليه إنكار ما جاء في رسالة فيها شتم وتحقير إلى (د. ماك أنيس) كاهن الأبرشية الإنكليكانية في القدس، لاعتراض الأخير على فكرة إقامة وطن قومي لليهود في فلسطين، فرفض لورنس ذلك وعاود الكتابة إلى الكاهن يلومه على احتجاجه: " كان من الأفضل لك أن تفعل شيئاً آخر غير الاحتجاج لكنك غير صالح حتى لتنظيف حذاء وايزمان
لذلك لم يُخفِ لورنس تأييده لوعد بلفور، فبعد زيارته لفلسطين رأى أنه " كلما سارع اليهود في الاستيلاء على فلسطين وزراعة أراضيها كان ذلك أفضل". وهذا الرأي عمل لورنس فيما بعد على وضعه موضع التنفيذ.
والسؤال الذي يُطرح هنا: أليس التاريخ يعيد نفسه مرة أخرى ؟
فشعار التحرير و التحديث و التمدين الذي ترفعه أمريكا وبريطانيا اليوم هو نفسه الشعار الذي رُفِع في الحرب العالمية الأولى والذي يخفي وراءه أطماع ورغبات الغزاة التي تهدف إلى فرض قوانينها و أنظمتها و سلطتها على الشعوب الضعيفة و خصوصاً الإسلامية و تجزئتها لتفتيت وحدتها ومن ثمّ افتراسها كما يفترس الذئب فريسته. فإذا اختلفت اليوم الأسماء و التواريخ و تبدلت الوجوه، فالأهداف و الوسائل هي ذاتها لم تتغير.
و مشكلة العرب اليوم أنهم يقرأون التاريخ وكأنّه سرد للوقائع و الحوادث دون أن ينتبهوا إلى كونه دروساً توضح مسار السنن الربانية؛ فكلما انحرف المسلمون عن الطريق التي رسمها الله لهم كان نصيبهم الذلّ و الهوان و تحكّم المستبدين و الطغاة بهم؛ لذلك قال الشاعر قديماً:
اقرأ التاريخ إذ فيه العِبر ضَلَّ قومٌ ليس يدرون الخبر !

و تذكروا أن " أمةً لا تعرف تاريخها .. لا تحسن صياغة مستقبلها "

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق