السبت، 30 مايو 2015

«ديبكا»: لا يوجد جيش في منطقة الشرق الأوسط قادر على التصدي لتنظيم «الدولة الإسلامية»


«ديبكا»: لا يوجد جيش في منطقة الشرق الأوسط قادر على التصدي لتنظيم «الدولة الإسلامية»

29 مايو,2015

ترجمة: الخليج الجديد
دعا الأمين العام لحزب الله اللبناني «حسن نصر الله» السبت 23 مايو / أيار حركته حزب الله الشيعية إلى اللقاء تحت الراية أو علم الحركة؛ بدعوى أنها «نواجه أزمة وجود» نتيجة العداء المتزايد من تنظيم «الدولة الاسلامية» في العراق وسوريا. وقال نائبه الشيخ «نعيم قاسم»، الذي بدأ أكثر يأسا وإحباطا: «إن الشرق الأوسط يواجه خطر التقسيم» في حرب لا يُرى لها نهاية في الأفق. وأردف: «حلول سوريا تعطلت. ويجب علينا الآن أن نرى ما يحدث في العراق».

السعر الذي دفعه وكيل إيران اللبناني في القتال إلى جانب جيش «بشار الأسد» لمدة أربع سنوات كان قاسيا، حيث إن هناك تقريبا ألف قتيل سقطوا، فضلا عن عدد كبير من الجرحى. لقد أدرك القادة الآن أن تضحياتهم كانت عبثًا وبلا جدوى. ونجح تنظيم «الدولة الإسلامية» في سوريا في إيصال الحرب الأهلية السورية في سوريا إلى طريق مسدود جديد.

وفي هذا الأسبوع، نعى قادة حزب الله صبيا يبلغ من العمر 15 لأدائه «واجبا جهاديا» في سوريا.

لقد ظهر جليا ما قامت به الحركة في سوريا من استدعاء صبية صغار لتعزيز دور حوالي سبعة آلاف يقاتلون هناك، بعد أن قضى عدد ليس بالقليل من المقاتلين البالغين هناك.

الرئيس السوري «بشار الأسد» ليس في وضع أفضل. فالعناصر الذي تقاتل لأجله تنفد على المدى القصير، ويواجه مشكلات في القوى العاملة التي من شأنها أن تطيل أمد القتال. وحتى مجتمعه العلوي خذله. فبالكاد واحد من كل عشرة من إجمالي 1.8 مليون علوي بقوا داخل أراضي سوريا. ومعدل المواليد في الأصل بين العلويين منخفض، وأولئك الذين بقوا يحرصون على إبعاد أبنائهم الشباب عن العيون ويرسلونهم لمناطق بعيدة لمنعهم من الذهاب إلى خطوط القتال الأمامية.

كما فشل «الأسد» أيضا في حشد الأقلية الدرزية السورية للقتال من أجل نظامه، تماما كما تم رفض طلب حزب الله عندما سعى لحشد الجيش اللبناني لقضيتهم. وقد ترك هذا حزب الله والحاكم السوري وحدهم في المعركة مع تراجع القوة باستمرار ضد اثنين من خصومه المنافسين؛ هما «الدولة الإسلامية» في سوريا وائتلاف المعارضة السورية الذي يطلق على نفسه اسم «جيش الفتح»، والذي يقوده جبهة النصرة التابعة للقاعدة، المدعومة من المملكة العربية السعودية وقطر وتركيا، لإسقاط «بشار الأسد».

وحاول «حسن نصر الله» رسم صورة شجاعة من التعبئة الكاملة لتوسيع الحرب في جميع أنحاء سوريا. ومع ذلك، فقد اعترف مستشار رئيسي لـ«بشار الأسد» يوم الأحد 24 مايو / أيار أن نظامه وحلفاءه أجبروا على إعادة تنظيم صفوفهم.

وتم سحب قواتهم من مهامها وأماكن عملها لتتحول لقتال الإسلاميين وطردهم من الأراضي التي احتلوها (نحو ثلاثة أرباع الأراضي السورية) والتركيز على الدفاع عن المدن مثل دمشق وحمص واللاذقية، التي تعد موطنا لمعظم السكان، وكذلك طريق دمشق الاستراتيجي إلى الساحل وبيروت. ويحتاج حزب الله إلى تعزيز وتحصين الحدود اللبنانية ضد أي وصول معادي.

لكن المدن السورية والحدود اللبنانية والطريق السريع لا تزال تحت التهديد من قوات المتمردين السوريين.

الجيش العراقي قُضي عليه، جنبا إلى جنب مع العديد من مليارات الدولارات التي أنفقتها الولايات المتحدة على التدريب والأسلحة. لم يعد هناك أي قوة عسكرية في العراق، سواء كانت من السنة أو الشيعة، قادرة على محاربة «الدولة الإسلامية» وتخفيف قبضتها على المناطق الوسطى والغربية.

جيش البيشمركة الكردي، الذي رفض الرئيس «باراك أوباما» توفير الأسلحة له لمحاربة الإسلاميين بات في خبر كان. وسيعرض أي هجوم جديد اثنين من المدن الرئيسية في الجمهورية الكردية المتمتعة بحكم شبه ذاتي (العاصمة أربيل ومدينة كركوك النفطية) إلى سلب ونهب المتحاربين الإسلاميين.

مسح سريع للموارد الشيعية يكشف أنه ما عاد في الفضاء بين نهر الأردن ونهر الفرات ودجلة سوى القيادة الإيرانية هي القوة الوحيدة التي لا تزال على حالها في العراق؛ وأقصد بالقيادة الإيرانية ميليشيات شيعية عراقية وأفغانية وباكستانية دربهم الحرس الثوري الإيراني ومنحهم السلاح.

وتواجه هذه القوة القتالية المتبقية مصيرها النهائي والحاسم في المعركة الجارية لاستعادة بيجي، بلدة مصفاة النفط الرئيسية في العراق. وللمرة الأولى، فإن القوات الإيرانية تقاتل في العراق، وليس فقط وكلاؤها هم من يحاربون، ولكن في حملة بيجي لم تحقق تقدما يذكر على مدار ثلاثة أسابيع من القتال. وكل ما تمكنت من فعله هو اختراق لــ 100 جندي عراقي تقطعت بهم السبل في المدينة، ولكن لا يزال تنظيم «الدولة الإسلامية» في العراق يسيطر على المصفاة.

ولم تعد إدارة «أوباما» قادرة على مواصلة ادعائها أن المليشيات الشيعية الموالية لإيران هي العلاج الشافي لخطر «الدولة الإسلامية». مثل «الأسد»؛ باتت طهران أيضا مضطرة لإعادة تنظيم صفوفها. إن ما يحدث الآن هو تخلي عن الجهود المبذولة لاستئصال الإسلاميين من وسط وغرب العراق وحشد كل الإمكانات العسكرية الشيعية مثل فيلق بدر للدفاع عن الجنوب الشيعي، الذي يضم النجف وكربلاء وبابل والقادسية، وكذلك زرع عقبة في طريق الإسلاميين إلى أكبر حقول النفط في العراق والميناء الوحيد في البصرة.

وقد أثبتت المليشيات الشيعية التي نقلتها طهران من باكستان وأفغانستان إلى سوريا والعراق على حد سواء أنهم ليسوا قادرين ولا مستعدين لإقحام أنفسهم في أي ساحات للقتال.

ويخلص هذا المسح السريع إلى نتيجة مفادها أنه لا يوجد جيش مؤهل وقادر على شن حرب شاملة ضد تنظيم «الدولة الإسلامية» الذي يمكن العثور عليه في قلب الشرق الأوسط، في مسافة تصل إلى ألف كيلو متر بين الأردن ودجلة والفرات إلى الشرق، أو بين الرمادي والعاصمة السعودية الرياض إلى الجنوب.

وبحلول الأحد 24 مايو / أيار، كان هذا التصور قد سرى كانتشار النار في الهشيم، حتى لدى الغرب ذاته. وقال وزير الدفاع الأمريكي «أشتون كارتر»: «ما حدث كان على ما يبدو أن القوات العراقية أظهرت فقط عدم رغبة في القتال أو إرادة له». وكان قائد الجيش البريطاني السابق أكثر واقعية؛ حيث قال إنه نتيجة لفشل الحملة الجوية لقوات التحالف في وقف تقدم «الدولة الإسلامية»، فقد حان «الوقت للتفكير بما لم يمكن تصوره سابقا او حتى التفكير فيه»، وإرسال خمسة آلاف جندي من القوات البرية لمحاربة الإسلاميين في سوريا والعراق.

وفي اليوم التالي؛ أشارت طهران بأصبع الاتهام فيما يتعلق بأحدث الانهيارات والإخفاقات في العراق إلى الولايات المتحدة. ونقلت الصحيفة عن قائد كتائب القدس الجنرال «قاسم سليماني»: «الولايات المتحدة لم تفعل شيئا لوقف تقدم المتطرفين في مدينة الرمادي».

المصدر | ديبكا فايل
http://www.sasapost.com/isis-and-middle-east-armies/

الاثنين، 18 مايو 2015

المناهج التعليمية في إيران

قدم الباحث الأردني المتخصص بالشان الإيراني الدكتور نبيل العتوم مداخلة أثارت الإنتباه حول إتجاهات المناهج الرسمية التي تعتمدها الحكومة الإيرانية لطلاب المدارس في المراحل الثلاث الإبتدائية والإعدادية والثانوية.
وكشف العتوم أنه درس 360 كتابا معتمدا في مدارس إيران وقام بتحليل مضمون تفصيلي بصفته متخصصا بالشان الإيراني ويجيد الفارسية وحصل على شهادته العليا من جامعة طهران.
وحصر العتوم 900 صفحة تتحدث بالسوء والتجريح عن العرب في المناهج الإيرانية و1000 صفحة تقريبا تتحدث عن أهل السنة مشيرا لإن التعديلات الجارحة للعرب والمركزة على خصومتهم أنتجت بعد الثورة والتعديلات برزت حتى عام 2011.
وتتضمن الكتب المدرسية التي حللها العتوم عدة كلمات فقط عن الصراع العربي الإسرائيلي ولا يوجد ذكر إطلاقا لليهود في مستوى العداوة خلافا للعرب وفقرة لا تعترف بالجانب الشرعي في المسجد الأقصى رغم المظاهرات السنوية التي تنظم تحت لافتة تحرير القدس.
وفقا للعتوم لا تعترف المناهج الإيرانية بالعرب وتعتبرهم رمزا للتخلف والجبن وأنهم لم يدخلوا شيئا للإسلام وانهم أعداء لإيران وشعبها وتهتم التربية والتعليم في طهران بتدريس منهجية «الفقهية الدفاعية» والتي تتضمن تدريس فصول في علم الجاسوسية والإتصال لكل طالب إيراني مما يحول المدارس عمليا إلى مراكز مخابرات.
وشدد العتوم على وجود أساطير وخرافات تحكم مؤسسات القرار الإيرانية وأداء جميع الزعماء واهمها «خرافة الهذيان المهدوي» وعودة «إمام الزمان» الذي لن يعود إلا بعد قتل الف الف من الأشخاص وهي نظرية تدرس في المدارس والجامعات وتقود عمليا الفكر»الدبلوماسي» في مؤسسات إيران.
وتشير دراسة العتوم إلى ان الإستراتيجية الإيرانية تقوم على اساس تدبير «حروب بالوكالة» هي عبارة عن «مصدات» بالنيابة عن الدولة الفارسية وتتضمن ميليشيات وخلايا نائمة واحزاب وأقليات وال»مؤلفة قلوبهم» مثل حركتي حماس والجهاد الإسلامي.
ويصر العتوم على ان إيران تخطط للتحكم بالإقليم والمنطقة وحتى السيطرة على العالم عبر «عسكرة القنبلة النووية» مؤكدا بأن الأمريكيون أداروا ظهرهم للمشروع العربي وإتجهوا نحو الإيراني.
وإنتقد العتوم عدم وجود مراكز أبحاث في العالم العربي عن إيران وقال بأن مؤسسة تدعي»بيت الرهبة» هي التي تحكم إيران وتضم رئيس مجلس قيادة الثورة وبعض المستشارين فقط فيما غالبية البقية من المسئولين عبارة عن كومبارس او ثانويين تطبق عبرهم الإستراتيجيات. وتوقع العتوم أن تفتعل إيران قريبا حربا على الواجهة الإسرائيلية لتغطي على مجريات عاصفة الحزم وما تخطط له وختم مداخلته المثيرة بعبارة قال فيها « لا نريد حربا..رسالتي للأخوة في إيران ..بدون حروب وقتال وقتل ننتظر معكم المهدي وسنمشي معاه «.

الجمعة، 15 مايو 2015

المعتقلين السنة في سجن الناصرية ومعاناتهم،وحقائق مهمة واساليب تعذيب


نبض الشارع
صفحات مظلمة من سجن الناصرية العراقي
نشر في : الجمعة 15 مايو 2015 - 03:36 ص   |   آخر تحديث : الجمعة 15 مايو 2015 - 02:02 م

عمر علي – التقرير

أصبح واضحًا واقع السجون المأساوي، وما يتعرض له المعتقلين والمعتقلات في سجون العراق منذ عام (2003) وإلى الآن ، ولا يخفى على أحد أبشع صور التعذيب والإهانات وانتهاك الكرامة في سجون باتت لهم كالمقابر، دفنوا فيها وابتلعهم الصمت وتجاهلهم الإعلام العربي والعالمي بشكل معيب ومخزي، اعتقل البعض نتيجة الدعوات الكيدية والمخبرين السريين والتهم الملفقة أو لمجرد الهوية السنية المتهمة دائمًا بالإرهاب دون غيرها وما يرافقها من فترات تعذيب وحبس طويلة تنفذها الحكومة الطائفية والميليشيات المتطرفة، والتي كان الإعدام بوابة الخلاص الوحيدة من الجحيم الذي يلقاه المعتقل، حيث مات المعتقلون تحت التعذيب، ومنهم من تسبب التعذيب بإعاقته جسديًا أو عقليًا، وآخرون لم يكن أمامهم خيار ثالث، فإما الموت تحت تعذيب الجلادين أو الرضوخ لما يريدونه، فاضطروا للاعتراف بالقيام بعمليات عسكرية أو الإنتماء لجماعات مسلحة.

نشرت سابقًا في تقرير مفصل من جزئين بعنوان  ذهب الاحتـــلال وأتى الإذلال: القصص المجهولة في سجون العراق، عن عدد السجون والمعتقلات الحكومية والسرية والتي تديرها الأجهزة الأمنية والميليشيات الشيعية الطائفية ووسائل التعذيب التي تمارس بحقهم،  إلا أن المعاناة مستمرة فبعد أسبوع على مجزرة سجن الخالص في المدينة ذات الأغلبية الشيعية والمسيطر عليها من الميليشيات والقوات الحكومية والتابعة لمحافظة ديالى، قامت مجموعة من المسلحين التابعين للمليشيات بقتل عشرات المعتقلين السنة وحرق البعض وتعريتهم في ظروف قد تبدو غريبة، إلا أن هذا المشهد قد تكرر أكثر من ثلاث مرات في سنتين، وتهريب عدد من القياديين في ميلشيا الحشد والمقاتلين فيها.

وكان لابد من التطرق لسجن الناصرية، وهو من أسوء السجون في جنوب العراق، والذي يعاني فيه ما يقارب العشرة آلاف معتقل ومعتقلة من الوايلات، ويعد سجن الناصرية أو سجن الحوت أحد السجون التابعة لدائرة الإصلاح العراقية، وإحدى دوائر وزارة العدل والتي تدير شُؤون السجون التابعة الوزارة في عموم محافظات العراق، ويقع السجن في صحراء الناصرية التابعة لمحافظة “ذي قار” جنوب العراق، وهو من أشد الأماكن التي يتعرض فيها الأسرى السنة إلى التعذيب اليومي، حيث يموت العديد من النزلاء تحت صعق الكهرباء والتعذيب الهمجي.

تعرض أغلب المعتقلين لألوان من التعذيب منذ اعتقالهم، وأُجبر أكثرهم على الإدلاء باعترافات عن القيام بأعمال لم يرتكبونها، كالقيام بعمليات مسلحة ضد القوات الحكومية والانتماء للجماعات المسلحة، وتم نزع اعترافاتهم تحت التعذيب وحوكموا على ضوئها، ويُجبر السنة في سجن الناصرية على الدخول في حلقات التثقيف للتشيع مع وعود بإطلاق السراح أو تخفيف المدة، ويتعرض للتعذيب من يرفض ذلك.

 

وعدد المعتقلين في سجن الناصرية تجاوز ٩ آلاف، معظمهم يؤكد بنفسه أو يؤكد المقربون منه، أنه لم يسبق له الاشتراك بأي نشاط ضد الحكومة وأغلبهم من أهل السنة ومِن سكان محافظات بغداد والأنبار وصلاح الدين ونينوى وديالى وكركوك والبصرة، وجميعهم اعتقلوا تحت طائلة المادة الرابعة من قانون مكافحة الإِرهاب، الَّذي صدر عام 2005 أو ما تسمى بمادة “4 سنة”، حيث أصبحت ذريعة للاعتقال ولم يستثنى أحد من السنة، حتى طال وزرائهم مثل طارق الهاشمي نائب الرئيس نوري المالكي في الدورة السابقة، والنائب أحمد العلواني وغيرهم، وكان إلغاء هذه المادة والإفراج عن المعتقلين من أهم مطالب المظاهرات العراقية السلمية التي قمعتها الحكومة الطائفية ونتج عنها هذا الصراع المسلح.

ويضم سجن الناصرية مئات المعتقلات المدانات من نساء أهل السنة، ونحو١٠٠ من السجناء العرب وأغلبهم من السعودية وسوريا، وتنفذ أغلب عمليات الإعدام في سجن الناصرية، حيث يعدم شهريًا ما لا يقل عن ٣٠ أسيرًا في لائحة تضم حوالي  ١٨٠٠ شخص محكوم عليهم بالإعدام، وتم إعدام ثلاثة جزائريين وسوري خلال وجبة الإعدامات في الشهر الماضي، وتم تخفيف الضغط على المعتقلين السعوديين والسماح بالزيارات العائلية مؤخرًا.

مُنِعَ معتقلو سجن الناصرية كغيرهم من المعتقلين في سجون وزارة العدل العراقية من اللقاء بعوائلهم ومحاميهم منذ شهر كانون الثاني مطلع العام 2014 الماضي، بموجب قرار من وزير العدل العراقي السابق “حسن الشمري”، وبعد مطالبات عديدة من المُنظمات الحُقوقية الدولية والعراقية كمركز بغداد لحقوق الإنسان والمنظمة العربية لحقوق الإنسان في بريطانيا، إضافة للشكاوى والمُطالبات التي قدمتها عوائِل المُعتقلين، قررت وزارة العدل الحالية في شهر آذار الماضي السماح بالزيارات الشهرية لذوي المعتقلين، والآن يسمح للنساء دون الرجال بزيارة ذويهم المعتقلين في سجن الناصرية وذلك بتخصيص يوم الخميس من كل شهر لقسم من أقسام السجن الأربعة، فتكون حصةَ المعتقل زيارة واحدة في كل شهر، وترفض إدارة السجن السماح خلال الزيارة بإدخال الملابس والمواد الغذائية والأدوية وباقي المستلزمات الطبية للمعتقلين.

ورغمَ القرار الذي اتخذته وزارة العدل بإعادة العمل بالزيارات الشهرية للمعتقلين إلا أن الوزارة لم تسمح لأي من المحامين العراقيين بزيارة موكليهم المعتقلين في سجن الناصرية المركزي وأغلب سجونها الأخرى.

أما التعذيب في سجن الناصرية، فيصفه عدد من المعتقلين الذي أُفرج عنهم ويوثقه مركز بغداد لحقوق الإنسان، حيث يتعرضُ معتقلو سجنِ الناصرية لتعذيب مستمر من قبل موظفي السجن، فعلى المستوى اليومي يقوم الموظفون وخاصة قوات طوارئ السجن بعمليات تفتيش يومية لزنزانات السجن، ويبدأ التفتيش بدخول المفتشين إلى زنزانات كل جناح الواحدة تلو الأخرى وحسب التسلسل، ثم يقومون بإخراج معتقلي الزنزانة إلى الممر الرابط بين زنزانات الجناح، ويقومون بتفتيشهم بطرق همجية مهينة ويعرونهم من جميع ملابسهم، وينهالون عليهم بالضرب بالعصي الكهربائية والقضبان المعروفة في السجون بـ “الدونكيات”.

يُجبر المعتقلون على البقاء واقفين في الزّنزانات (وقوفًا وعلى رجل واحدة)، لساعات طويلة يراقبهم خلالها المنتسبون وضباطُ السجن، ما يؤدي إلى سقوط عدد من المعتقلين مغمى عليهم، وخاصة المرضى منهم وكبار السن، كما يقوم المنتسبون بسب وشتم المعتقلين وعوائلهم والنيل من مقدساتهم الدينية والمذهبية وسب الصحابة والرموز الدينية الخاصة بالسنة وقياداتهم الدينية والسياسية والعشائرية والمجتمعية الأخرى.

وعلى المستوى الأُسبوعي يتعرضُ المعتقلونَ لنفسِ طريقة التَّعذيب خلال إخراجهم لغرض التَّشميس، إضافة للمرضى الذين يخرُجون أُسبوعيًا للعيادة الطبية يتعرضون لنفس طريقة التعذيب والتفتيش، ويُجبر المعتقلون على النوم والاستيقاظ في ساعات غير محددة تختلف باختلاف وجبات الحراس، فكل وجبة يجبر المعتقلون بالنوم والاستيقاظ بساعات تختلف عن الأوقات التي تحددها الوجبات الأخرى، ويمنع المعتقلون من رفع الأذان ومن صلاة الجماعة.

وكما كشف مركز بغداد لحقوق الإنسان والمنظمةُ العربية لحقوق الإنسان ببريطانيا في تقرير مشترك، عن انتهاكات مروّعة ترتكب ضد نحو 7400 معتقل عراقي -معظمهم سنة- في سجن الناصرية جنوبي العراق، وأشار التقرير إلى إصدار محاكم الناصرية 297 حكمًا بالإعدام خلال الأشهر الأربعة الماضية، بناء على إفادات مخبرين سريين واعترافات انتُزعت تحت التعذيب والتهديد باغتصاب الأقارب، وحسب التقرير المشترك، فإن رئيس غرفة المحامين المنتدبين في الناصرية المحامي صالح الزهيري استقال احتجاجًا على عدم سماح محكمة الناصرية للمحامين بالانتداب للدفاع عن المتهمين، ودعت المنظمتان السلطات العراقية والمنظمات الدولية إلى تشكيل لجنة حقوقية دولية محايدة لزيارة سجن الناصرية والوقوف على الجرائم والانتهاكات المروعة التي تُرتكب ضد المعتقلين، كما طالب التقرير بإعادة النّظر في الأحكام الصادرة عن محاكم الناصرية، وإعادة تدوين أقوال المعتقلين من قبل محققين غير مسيّسين ولا طائفيين، وإطلاق سراح المعتقلين الأبرياء وتعويضهم ماديًا ومعنويًا.

أما هيئة علماء المسلمين في العراق قالت الشهر الماضي، إن القوات العراقية قتلت 16 معتقلًا بالصعق الكهربائي في سجن الناصرية بمحافظة ذي قار جنوبي البلاد، موضحة أن القوات المشرفة على السجن “زعمت” أنهم لاقوا حتفهم جراء تعرضهم بشكل جماعي للتيار الكهربائي.

وأفادت الهيئة في بيان بأن القوات الحكومية منعت أهالي الضحايا من مقابلة أبنائهم المعتقلين منذ أكثر من ستة أشهر، بحجة أنها تتخذ إجراءات مشددة لمنع هروب المعتقلين.

تم نقل المعتقلين من بغداد ومحافظاتها الأخرى إلى سجون ومحاكم تحقيق وجنايات الناصرية “ذي قار” في مخالفة جسيمة لمواد القانون العراقي الذي نص على الاختصاص المكاني للمحاكم العراقية، كما تمت إحالة قضايا معتقلين من أَهل السُّنة إِلى محاكم جميع قضاتها منتمون لأحزاب شيعية دينية، وتلك الأحزاب هي طرف من أطراف الصراعات والنزاعات الطائفية والسياسية التي يعاني منها العراق، فقضاة محكمة ذي قار كما نقلها مركز بغداد لحقوق الإنسان هم:

القاضي (فرقد صالح هادي) رئيسُ محكمة استئنافِ ذي قار العامّ (قاضي قضاة ذي قار) وهوُ عضو قيادي بحزب الدعوة.
القاضي (عزيز شنته الجابري) رئيس الهيئة الأولى في محكمة جنايات ذي قار (الناصرية) وهو نائب رئيس محكمة استئناف ذي قار أيضًاـ وهو عضو قيادي في حزب الدعوة ومن المقربين من رئيس الحكومة السابق نوري المالكي.
القاضي محمد محسن الإبراهيمي رئيسِ الهيئة الثانية في محكمة جنايات ذي قار (الناصرية) عضو في حزب الدعوة.
القاضي (ناظم حميد علك الوائلي) عضو محكمة جنايات ذي قار (الناصرية)، وهو عضو قيادي في حزب الدعوة ومن المقربين من رئيس الحكومة السابق نوري المالكي.
القاضي (علي عبد الغني جلاب) عضو محكمة جنايات ذي قار (الناصرية) عضو في المجلس الأعلى.
القاضي (موفق نوري جاسم) عضو محكمة جنايات ذي قار (الناصرية) عضو في حزب الدعوة.
القاضي (رافد مركز الأعرجي) قاضي محكمة تحقيقِ ذي قار (الناصرية) والمختص بقضايا الإرهاب وهو عضو قيادي في التيار الصدري.
وكما نقل ناشطون في مواقع التواصل الاجتماعي وعدد من المواقع الإخبارية فيديو يظهر فيه تعذيب معتقلين سنة، إذ يتم تعذيبهم من قبل رجال أمن ويظهر في الفيديو كمية العنف والحقد والهمجية وعدد من الشتائم الطائفية التي يوجهها السجانون.

في الوقت الذي يُفترض فيه أَن يكون القضاء العراقي مستقلًا حاميًا ومدافعًا عن حقوق الإنسان ومحاسبًا لمنتهكيها، أصبح أداة طائفية وإجرامية تستخدم لأغراض طائفية وسياسية تُرتكب بها، أو من خلالها انتهاكات مهولة لحقوق الإنسان في العراق الذي تحول بين ليلة وضحاها بعد أن جاء أدعياء الحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان وحولوه من بلد عريق بتاريخه وحضاراته ومواقفه الوطنية، إلى بلد التدمير والتهجير والسجون التي باتت مراكز للانتقام الطائفي، ويستمر المسلسل المأساوي والمعاملة الطائفية المقيتة بحق أبرياء زُج بهم في سجون قذرة وسط إهمال متعمد وصمت مريب لمأساة حقيقية تزايدت مؤخرًا على نحو مخيف، ولا يعلم العراقيون متى تنتهي وتُطوى صفحاتها.