الخميس، 24 ديسمبر 2015

بشار الأسد نجم الاعلام الغربي

د.فيصل القاسم
من عادة الدول الغربية، إذا أردت أن تستهدف أو أن تسقط نظاماً أو زعيماً ما في العالم، أن تسلط عليه وسائل إعلامها أولاً كي تشيطنه، وتحوله إلى شرير جدير بالتصفية، و طبعاً يتحدثون كثيراً عن استقلالية الإعلام الغربي عن الأنظمة الغربية الحاكمة، وبالطبع هذه من أسخف الخرافات وأكثرها مثاراً للضحك.الإعلام الأوروبي أو الأمريكي في نهاية المطاف جزء لا يتجزأ من المؤسسات الحاكمة إلا ما رحم ربي، ولو أحصينا عدد الصحف والمجلات والتلفزيونات والإذاعات التي تشذ عن الإعلام الرئيسي في أمريكا لوجدنا أنها تـُعد على الأصابع، ناهيك عن أنها محدودة التأثير، وربما لم يسمع بها سوى نزر قليل جداً من الأمريكيين، أما الصحف والمجلات والقنوات التلفزيونية الكبرى فهي مرتبطة بالشركات العملاقة المرتبطة بدورها بالمؤسسة الحاكمة.ولو أرادت الإدارة الأمريكية أن تستهدف نظاماً أو رئيساً ما في العالم لوجدنا أن كل الصحف الأمريكية التي تدّعي الحياد والاستقلالية،  تصطف صفاً واحداً وراء البيت الأبيض، وتذكر الصحفية الأمريكية الكبيرة "أيمي غودمان" في هذا السياق أنه عندما قررت الحكومة الأمريكية غزو العراق راحت كل الصحف الكبرى تجيّش الشعب الأمريكي للوقوف وراء الرئيس الأسبق جورج بوش الابن الذي كان يحضّر لغزو العراق، وتقول غودمان إنها أجرت دراسة على بعض الصحف الأمريكية، فوجدت أن تلك الصحف كانت تنشر خمسة وتسعين بالمائة من المواد والمقابلات مع خبراء وأناس مؤيدين للغزو الأمريكي للعراق، بينما كانت تخصص فقط خمسة بالمائة من موادها للمعارضين للغزو، بعبارة أخرى، فإن الإعلام الغربي والحكومات على قلب رجل واحد عندما تريد الحكومات الغربية أن تستهدف حكومة أو زعيماً ما في أي مكان في العالم،  وعندما كانت أمريكا ضد الرئيس العراقي الراحل صدام حسين وأسامة بن لادن، كان الإعلام الغربي يتفنن بشيطنة الرجلين ليجعل منهما بعبعاً في نظر الأمريكيين، بحيث يقف الأمريكيون صفاً واحداً وراء البيت الأبيض عندما يقرر التخلص منهما.لاحظوا الآن الفرق بين الطريقة التي كان يشيّطن فيها الإعلام الغربي صدام حسين والقذافي وبن لادن وغيرهم، والطريقة التي يتعامل بها مع الرئيس السوري بشار الأسد منذ اندلاع الثورة السورية منذ خمسة أعوام تقريباً، لم نلحظ في يوم من الأيام أن الإعلام الأمريكي يستعدي بشار الأسد، لا بل إن مقالات كثيرة في كبرى الصحف الأمريكية كانت تدعم النظام السوري، وتشد على يديه بطريقة ملتوية بحجة أنه يحارب الإرهاب، بينما كانوا يؤيدونه في الواقع لأنه مرضي عنه إسرائيلياً. شتان بين صورة صدام حسين وصورة بشار الأسد في الإعلام الأمريكي والأوروبي، لا بل إن النظام السوري استأجر العديد من شركات الدعاية والعلاقات العامة الغربية، ودفع لها الملايين كي تدافع عنه، وتلمّع صورته في الأوساط السياسية والإعلامية الغربية.هل كانوا ليسمحوا لصدام حسين أن يستأجر شركات غربية، أو هل كانت تلك الشركات لتجرؤ أصلاً على تلميع صورة صدام؟ بالطبع لا، بينما سمعنا عن رجال أعمال سوريين كبار جداً مرتبطين بسياسيين أمريكيين كبار كانوا يشكلّون جماعات ضغط لتلميع صورة بشار الأسد في الإعلام الغربي. وكي لا نذهب بعيداً جداً، فالننظر إلى التلفزيونات والصحف ووكالات الأنباء الغربية هذه الأيام وهي تتسابق على إجراء المقابلات مع الرئيس السوري الذي كان صدام حسين والقذافي وبن لادن مجرد حملان وديعة مقارنة بفاشية النظام الأسدي الذي لم يشهد له التاريخ مثيلاً سوى النظام النازي، مع فرق جوهري أن النازيين لم يستهدفوا أبناء جلدته. كما يستهدف النظام السوري السوريين تحديداً قتلاً وتشريداً وتهجيراً وتدميراً، ولم يبق تلفزيون أوروبي إلا وحج إلى القصر الجمهوري في دمشق ليفسح المجال أمام طاغية الشام كي يلمّع نفسه، ويبرر همجيته ووحشيته بحق السوريين.هل يستحق هتلر العصر أن يتسابق الصحفيون والإعلاميون الغربيون إلى قصره لينقلوا وجهة نظره إلى ملايين المشاهدين الغربيين، ويعطوه منابر إعلامية مليونية لينشر الأكاذيب والترهات؟ هل كانت تجرؤ تلك التلفزيونات الغربية لتقابل بشار الأسد لو كانت حكوماتها تعاديه فعلاً، أم إنها كانت لتحوله إلى شيطان رجيم لو كان مغضوباً عليه أوروبياً أو أمريكياً؟أيها الساقطون أخلاقياً وإعلامياً: ألا يكفي أنكم خذلتم الشعب السوري، وحرمتموه من أبسط وسائل الدفاع عن نفسه؟ ألا يكفيكم أنكم قمتم بالتعتيم على الكارثة السورية ومآسيها بدل فضح النظام المسؤول عنها؟ لماذا رحتم تلمّعون صورة القاتل، وتتسترون على صورة القتيل؟